وجه مشروع، ومشابهة الصدق ها هنا للصدقة أن من أيقن من دينه أن البعث حق، وأن الدار الآخرة هي المصير، -وأن هذه الدار الدانية قنطرة إلى الأخرى، وباب إلى السوأى أو الحسنى - " مؤنث الأسوأ والأحسن " عمل لها، وقدم ما يجده فيها، فإن شك فيها أو تكاسل عنها وآثر عليها بخل بماله، وغفل عن مآله}.
والآن فلنتحدث عن الألفاظ الواردة في هذا السياق لفظا لفظا حتى يتضح المعنى المراد، إذ كل لفظ منها يعبر عن صنف من أصناف المستحقين للزكاة:
فلفظ " الفقراء " جمع فقير، وهو المحتاج المتعفف.
ولفظ " المساكين " جمع مسكين، وهو المحتاج السائل، وهذا التفسير للاثنين منقول عن الإمام مالك في كتاب ابن سحنون.
وجاء في حديث رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن المسكين ما هو فقال:(الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس شيئا).
ولفظ " العاملين عليها " يراد به الجباة والسعاة الذين يذهبون لتحصيل الزكاة ويوكلون على جمعها.
قال القاضي أبو بكر بن العربي:" وهذا يدل على مسألة بديعة، وهي أن ما كان من فروض الكفايات فالقائم به يجوز له أخذ الأجرة عليه، ومن ذلك الإمامة، فإن الصلاة وإن كانت متوجهة على جميع الخلق، إلا أن تقدم بعضهم بهم من فروض الكفاية، فلا جرم يجوز أخذ الأجرة عليها ".