وهي الصدقة التي فرضها الله على أغنياء المسلمين في أموالهم لترد على فقرائهم، حماية للمجتمع الإسلامي من عوامل الفرقة والانقسام، وتوجيها له نحو العدالة الاجتماعية والاقتصادية التي هي جزء لا يتجزأ من أصل " العدالة العامة " في الإسلام، فبين كتاب الله وجوب دفعها، وحدد وجوه صرفها، ولفت كتاب الله بذلك أنظار الجميع، إلى أن أمر الصدقات موكول إلى الله لا إلى غيره، فهو الذي أعلن حكمها، وهو الذي تولى قسمها، ولذلك فلا محل لأي لمز أو تقريع، فيما حدده لها من القسم والتوزيع، وذلك قوله تعالى هنا:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.
قال القاضي أبو بكر " ابن العربي " ما خلاصته: " هذه الآية من أمهات الآيات فقد خص الله بعض الناس بالأموال دون البعض، نعمة منه عليهم، وجعل شكر ذلك منهم إخراج سهم من مالهم، يردونه إلى من لا مال له، نيابة عنه سبحانه فيما ضمنه بفضله للمحتاجين من رزق في قوله تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}، وقدر الصدقات على حسب أجناس الأموال، فجعل في النقدين ربع العشر، وجعل في النبات العشر، ومع تكاثر المئونة نصف العشر، و (الصدقة) متى أطلقت في القرآن فهي صدقة الفرض، ولفظ الصدقة مأخوذ من " الصدق " بمعنى مساواة الفعل للقول والاعتقاد، وبناء " ص د ق " يرجع إلى تحقيق شيء بشيء وعضده به، ومنه " صداق المرأة " أي تحقيق الحل وتصديقه بإيجاب المال والنكاح، على