كالعيوب القائمة بذاته لا ينفك عنها ولا تنفك عنه، وذلك مثل العمى والعرج ونحوهما، وإما أن تكون أعذارا عارضة للشخص، وهذا النوع الثاني من الأعذار يندرج تحته المرض الذي لا يتمكن معه صاحبه من الجهاد، والفقر الذي لا يتمكن معه صاحبه من إعداد الزاد والعتاد، وذلك ما ينص عليه قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} أي إذا لم يقوموا في حال تخلفهم عن الجهاد بتثبيط ولا إرجاف، وكانوا عونا للمجاهدين من ورائهم، {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي لا سبيل إلى عقوبة هؤلاء المعتذرين، بعدما تيقن رسول الله صلى الله عليه وسلم من صدق عذرهم، وعرف حقيقة أمرهم، قال القاضي أبو بكر " ابن العربي ": " هذا عموم ممهد في الشريعة، وهو أصل في رفع العقاب والعتاب عن كل محسن ".
ثم قال تعالى:{وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} أي لا حرج على الفقراء الذين عرضوا أنفسهم على رسول الله للجهاد، ثم رجعوا وهم يبكون حزنا وأسفا، لعجزهم عن تجهيز أنفسهم أولا، ولضيق وسائل التجهيز عند رسول الله ثانيا، ولما فاتهم من الالتحاق بصفوف المجاهدين ونيل شرف الجهاد في سبيل الله وحسن ثوابه ثالثا.
وفي مثل هؤلاء الذين منعتهم أعذار حقيقية لا منتحلة عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة تبوك ورد حديث أنس في