ودخولها في عداد الغابرين إما أن يكون باستئصالها وإبادتها بالمرة من خريطة العالم كعاد وثمود، وغيرهما من شعوب العالم القديم، وإما أن يكون بالإدالة منها وإنزالها إلى درجة العبودية لغيرها، والتبعية الدائمة لسواها، فتصبح ذنبا من الأذناب، ولا يحسب لها بين الأمم أي حساب، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى هنا:{لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}. أخرج أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(توشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: من قلة نحن يومئذ؟ قال: لا بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن. قيل وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت).
ومضى كتاب الله يذكر الغافلين بمصير الأمم التي تمردت قبلهم على حكم الله، فقال تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ * أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ * ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ}.
ونبه كتاب الله إلى ما يداخل الشاكين من شك وريب في صدق الدعوة وصدق الداعي، ولاسيما في يوم القيامة بما يستلزمه من بعث ومعاد، فقال تعالى حكاية عنهم:{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ؟} أي يستخبرونك هل يوم القيامة حق، وهل الدين الذي جئت به هو دين الحق؟ ثم لقن الحق