وقوله تعالى:{وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} وعد سابق من الله لرسوله وهو لا يزال بمكة يكافح الشرك والمشركين، بما سيناله دينه من الظهور على بقية الأديان، وبما سيناله أتباعه من نصر مؤزر وفتح قريب في مختلف الأقطار والبلدان. وقد حقق الله وعده، وهزم الأحزاب وحده، ومكن من مقاليد العالم جنده {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[المجادلة: ٢٢].
غير أن هذا الوعد الإلهي في أصله مشروط بثلاثة شروط:
الشرط الأول: إتباع الوحي الإلهي، وعدم التنكب عن طريقه أو الخروج عن هدايته {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ}.
والشرط الثاني: الصبر على تحمل متاعب الأمانة الإلهية والقيام بتكاليفها وأعبائها الثقيلة، عن وعي ويقظة، ودون هوادة ولا تهاون {وَاصْبِرْ}.
فلكل غلَّة موسمُها، ولكل معركة موعدُها، وإذا عاد المسلمون إلى الله بعدما فروا منه في هذا العصر، والتزموا بتنفيذ شروطه التي اشترطها عليهم دون أي إهمال أو إخلال، بدَّلهم الله حالا أحسن من هذا الحال، وعاد إليهم بالنصر والتأييد، والتوفيق والتسديد، وما ذلك على قدرته ببعيد.