فالأمر الأول:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} موجه لمن يشاهد الكعبة.
والأمر الثاني:{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. موجه لمن هو في مكة، لكنه غائب عن الكعبة بحيث لا يشاهدها.
والأمر الثالث:{وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}. موجه لمن هو في بقية البلدان والأقطار.
وقال القرطبي: الأمر الأول لمن هو بمكة، والثاني لمن هو في بقية الأمصار، والثالث لمن خرج في الأسفار.
أما صلاة من صلى إلى بيت المقدس وقضى نحبه، أو من صلى إلى القبلتين معا، فقد تعهد الحق سبحانه وتعالى بثوابها فقال:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
وأما رد الفعل الذي نشأ في صفوف اليهود والمنافقين عند إعلان الاختيار الإلهي والنهائي لاستقبال المسجد الحرام، فقد توقعته هذه الآية الكريمة قبل وقوعه إذ قالت:{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}.