رَجُلٌ رَشِيدٌ}. لكنهم أصروا على انحرافهم كل الإصرار {قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ}. فأخذهم الله أخذا وبيلا، جزاء قلبهم للأوضاع، وما ارتكبوه بفاحشتهم من سوء الابتداع.
وتلقى لوط من الملائكة الرسالة التي جاؤوه بها من عند الله {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ}، لكنهم استثنوا من أهله امرأة لوط كما استثنى الله من أهل نوح ابنه وامرأته معا، فكانا من المغرقين، وهذا الاستثناء هو قولهم فيما حكاه عنهم كتاب الله {إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ * فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ}.
وبعدما أسدل الستار، على قوم لوط بما فعلوه من الفواحش والأوزار، عقب كتاب الله على ذلك بما يفيد أن كل من عمل عملهم، وسلك مسلكهم، من الفسقة الظالمين، سيكون مهددا بعذاب الله، وسيف العقاب مصلت على رأسه دائما، إن لم يكن على الصورة التي عوقب بها قوم لوط، فعلى صورة أخرى لا يعلمها إلا الله، فللعذاب ألوان شتى، كما أن للزهر ألوانا شتى، فقال تعالى {وَمَا هِيَ} أي نقمة الله {مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}.