للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رُزق نعمة التوفيق فقد رُزق خيراً كثيراً. قال حجة الإسلام الغزالي: " وإنما الاعتبار بقلب العالم الموفق، المراقب لدقائق الأحوال، وهو المحك الذي يمتحن به خفايا الأمور، وما أعز هذا القلب في القلوب ".

وبيَّن كتاب الله أن شعيبا عليه السلام لم يتقهقر عن دعوته إلى الله، بل استمر ثابتا عليها، داعيا إليها دون انقطاع، وقد حاول أن يستخلص العبرة لقومه مما أصاب الأقوام السابقة قبلهم، فهم يعرفون مصارعهم حق المعرفة، وعندهم من خبرها الشيء الكثير {وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي} أي لا يحملنكم بغضي وعداوتي على الإصرار والعناد، وكأنه يريد أن يقول لهم إني أخاف عليكم {أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ * وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}.

إلا أنه بالرغم من جميع الجهود التي بذلها في سبيل هدايتهم وإقناعهم بالحق أصروا على ما هم فيه، ولم يكتفوا بإصرارهم على الباطل، بل أطلقوا لألسنتهم العنان في الطعن على شعيب والطعن في دعوته، والتهديد له بالرجم إلى أن يموت، وذلك ما تشير إليه الآيات التالية: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} أي إن دعوتك لا يستسيغها عقل ولا يقبلها منطق {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} أي لا عصبة لك من كبار القوم {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} أي لولا أن لعشيرتك معزة عندنا، ومكانة خاصة بيننا، لقمنا برجمك، و " الرجم " أشق العقوبات

<<  <  ج: ص:  >  >>