وما كان من شعيب عليه السلام إلا أن رد عليهم في حدود الأدب المعهود من الأنبياء، وفي نطاق الدعوة المأمور بتبليغها عن الله {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} أي رفضتم دعوته وعصيتم أمره {إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}.
ولما انقطع كل أمل في قلوبهم للإصلاح الذي جاءهم به شعيب عن الله تبرأ منهم ومن أعمالهم، ووكلهم إلى عذاب الله المرتقب، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى حكاية عن شعيب يحذرهم وينذرهم:{وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ} أي اعملوا على طريقتكم فأنا عامل على طريقتي، على غرار قوله تعالى في آية أخرى:{لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ}[الشورى: ١٥] وقوله تعالى {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[الكافرون: ٦] ثم مضى ينذرهم قائلا: {سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ} أي ستعلمون من الكاذب فينا ومن المعذب؟ هل أنا أم أنتم، على غرار قوله تعالى في آية أخرى:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[سبأ: ٢٤]، {وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ}.
ثم انتهت قصة شعيب مع كفار أهل مدين بعذابهم وعقابهم، واستئصالهم وإبادتهم، ونجاة شعيب والذين آمنوا معه، كما ينتهي كل صراع بين الخير والشر، والحق والباطل، باندحار الشر والباطل، وانتصار الخير والحق، وذلك ما يشير إليه قوله