وقوله تعالى:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا} أمر من الله لرسوله والمؤمنين بالثبات على الصراط المستقيم، ونهي من الله للمؤمنين عن البغي والطغيان، والظلم والعدوان، ولو كان من يقع عليه البغي والظلم مشركا. وللتحذير من الإقدام على الظلم والتورط في نتائجه قال تعالى عقب النهي عنه:{إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} بمعنى أنه يراقبكم ويراقب أعمالكم.
ثم وجه الحق سبحانه وتعالى خطابه لرسوله والمؤمنين من جديد، يأمرهم بالابتعاد عن موالاة الظلمة، وبالحذر من إعانتهم على الظلم بأي وجه من الوجوه، فقال تعالى:{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} ولا يدخل في (الركون) مجرد المخالطة والمعاشرة دون عون ولا تأييد، كما نص عليه القاضي عبد الجبار.
وبين كتاب الله أن الله وحده هو الذي يجب أن يكون ولي الذين آمنوا، يوالونه وينصرونه، ويقفون بجانب أوامره دائما، لأن غير الله وإن تولوه فلن يكون لهم وليا، إذ ليس بيده ضر ولا نفع، ولا عطاء ولا منع، وإذا اعتمدوا على غير الله وكلهم الله إلى أنفسهم، وخذلهم خذلانا مبينا {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}.
وقوله تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} ذكر ابن كثير أن هذه الآية يحتمل أن تكون نزلت قبل فرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء، حيث لم يكن يجب من الصلوات