وتتناول الآيات الكريمة في هذا السياق بالوصف والتعقيب طائفة من الناس غلبت عليها روح الانتهازية، فتجاهلت طاعة الله ومحبته، ونسيت قضاءه وقدره، والتزمت بدلا من ذلك طاعة بعض المخلوقين، إذ ملأت قلوبها بمحبتهم والخضوع لهم، وسايرتهم في أهوائهم ابتغاء مرضاتهم، فجعلت من هواهم المدخول قانونا متبعا، ومن كلمتهم السفلى كلمة عليا، وبذلك كله أقامتهم مقام الأضداد المنافسين، أو الأشباه المماثلين، للحق جل جلاله، وذلك قوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}.
ثم عقبت الآية على ذلك بما يوضح البون الشاسع والفرق الكبير بين هذه الطائفة الخاسرة والمؤمنين الخلص، فقالت {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}. وإذن فلن يستبدلوا بمحبة الله وطاعته طاعة ولا محبة أحد سواه.
وتنتقل الآيات الكريمة إلى رسم صورة كاشفة لموقف قادة الضلال من أتباعهم في سائر العصور، ولموقف الأتباع الضالين من قادتهم في الدنيا والآخرة، ومحاولة كل فريق منهما في نهاية المطاف التبرؤ من الفريق الآخر، وإنكار كل رابطة كانت تربط بين التابع والمتبوع، إذ تنقلب المحبة المصطنعة بينهما إلى عداوة، والثقة العمياء