" وليتأمل حادي عشر كيف قبل يعقوب أيضا عذرهم "{قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} وزاد بأن قال {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، " إلى وجوه أخر تركنا ذكرها ".
" ثم إنه تعالى قال في آخر السورة لرسوله صلى الله عليه وسلم ولجماعة المكلفين: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} فنبه بذلك على وجوب التمسك بهذه الأخلاق والآداب. وكذلك قال تعالى في أول السورة:{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} لأن النفع يعظم بذلك لمن تأمله ".
" وهذا معنى قوله {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد: ٢٤] لأن من تدبر القرآن، وتمسك بأحكامه وآدابه وأخلاقه، انفتح قلبه للخيرات دينا ودنيا، فإن قرأه من غير تدبر يصير قلبه كأن عليه قفلا لا يتغير عما هو عليه، فهذه المقدمة التي قدمناها في هذه السورة تنفع فيها وفي القرآن ".
انتهى نص المقدمة النفيسة التي قدم بها القاضي عبد الجبار سورة يوسف، وقد وضعنا بجانب كل نقطة منها ما يناسبها من الآيات.
والآن فلنقف وقفة مناسبة عند جملة من الآيات الكريمة في هذه السورة بقدر ما يتسع له الوقت.
فقوله تعالى:{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} معناه اذكر يا محمد في قصصك عليهم من قصة يوسف إذ قال لأبيه (الآية).