للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لتقشيرها وقطعها، وعندما كانت بأيديهن الفواكه والسكاكين الخاصة بها، أمرت فتاها يوسف -وكان إذ ذاك لا يزال مملوكا لزوجها- بالخروج فجأة على النسوة الحاضرات والمرور أمامهن، فما كاد يباغتهن يوسف مقبلا ومدبرا، حتى بهت ضيوف امرأة العزيز من مرآه، وجرحن بالسكاكين أيديهن، بدلا من تقشير الفواكه، دون شعور منهن، وعند ذلك اتجهت إليهن امرأة العزيز، مبررة أمامهن ما وقع لها قبلهن من الشغف به، ثم أخبرت ضيوفها بأنها قد راودته فعلا، لكنه امتنع امتناعا باتا، ومضت في حديثها أمامهن تهدده بالسجن والإهانة إن لم يفعل ما تأمره به، ولم يلبث ضيوفها من النساء أن عذرنها ووقفن إلى جانبها ينصرنها، ويطالبن يوسف معها بإلحاح أن يستجيب لامرأة العزيز، وأن يحقق رغبتها، وذلك بعدما كن يلمنها قبل رؤية يوسف، لكن يوسف لم يتراجع عن موقفه أمام تهديد امرأة العزيز، ولا أمام إغراء ضيوفها، وأصر على الاعتصام بحبل التقوى والعفاف، وأخذ يتضرع إلى الله أن يصرف عنه كيد امرأة العزيز وصاحباتها حتى لا يقع في الشرك.

وإلى هذا الجزء من قصة يوسف تشير الآيات الكريمة التالية: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ} والمراد " الفتى " هنا الخادم المملوك {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} أي أعدت لهن مجلسا مفروشا {وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} أي أعظمن شأنه {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} أي حززن أيديهن بالسكاكين،

<<  <  ج: ص:  >  >>