في السجن، وأدركا أن ليوسف مواهب خاصة، وأن له قدرة على تعبير الرؤيا، فقصا عليه ذات يوم رؤياهما، وكانت رؤيا الأول أنه رأى نفسه يعصر خمرا، فعبر له رؤياه بأنه سيفارق السجن بعد قليل، وسيسقي بعد إطلاق سراحه سيده خمرا ويكون ساقيه الخاص، وطلب إليه إذا عاد إلى القصر أن يذكر لملكه أمر يوسف ويحدثه عنه، عسى أن ينصفه من امرأة العزيز ويطلق سراحه.
وانتهز يوسف فرصة اهتمام صاحبيه في السجن بتعبير رؤياهما وإصغائهما إليه، ليحدثهما بشيء من عقيدته ودينه، وهما أهم شيء لديه، عسى أن يهتديا على يديه إلى عقيدة التوحيد، وينصرفا عن عبادة الأصنام والأوثان. غير أن الفتى الذي فارق السجن ما كاد يعود إلى قصر سيده حتى نسي وصية يوسف الذي عبر به رؤياه، فلم يذكر لملكه أمر يوسف، ومضت سنوات أخرى على يوسف وهو في السجن دون أن يتذكره أحد، إلى أن رأى ملك مصر نفسه رؤيا أقضَّت مَضجَعه، وأثارت وساوسه، فأخذ يبحث عمن يعبِّرها له التعبير اللائق. وعندئذ تذكَّر ساقيه الخاص -وهو الفتى الذي كان في السجن مع يوسف، والذي عبر له يوسف رؤياه تعبيرا صادقا- أن يوسف لا يزال في السجن، وأنه أحسن من يعبر لملك مصر رؤياه، فاستأذن سيده، وذهب إلى السجن يسأل عن يوسف ويعرض عليه رؤيا الملك، فما كان من يوسف إلا أن عبر له الرؤيا أحسن تعبير، وما كان من ملك مصر إلا أن دعاه إلى مجلسه، لكن يوسف أصر على عدم مغادرة السجن إلا بعد نظر الملك نفسه في قضيته، وإعلان براءته، واعتراف الجميع