سبع سنبلات خضر، وسبع سنبلات يابسات، وهذه الرؤيا هي التي جاء يعرضها على يوسف رفيقه في السجن من قبل، ذلك الرفيق الذي أصبح ساقيا للملك عقب إطلاق سراحه، فقال له فيما حكته الآيات الكريمة {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ}.
فما كان من يوسف عليه السلام إلا أن أفتاه في أمر هذه الرؤيا وعبرها له أصدق تعبير، مبينا للملك وملإه أنهم سيستقبلون سبع سنوات كلها رخاء وخصب، تزدهر فيها الحقول، وتزكو الغلات، ويصفو العيش وتطيب الحياة، ثم يستقبلون في أعقابها سبع سنوات من الجدب والقحط، لا يفي فيها (النيل) بوعده، ولا يمدهم برفده، ولا يجدون قائما يحصد، ولا حصيدا يخزن، ثم بعد سنوات الجدب السبع يظلهم عام خصيب يغاثون فيه، فتجود عليهم الأرض بما يأكلون، ويجدون ما يأتدمون به ويعصرون، ومنبها لهم في نفس الوقت إلى أنه من الخير لهم أن لا يأكلوا كل ما يأتيهم من محاصيل سنوات الرخاء، وأن يدخروا أكبر قسم منها في أهرائهم ودورهم دون أن يخرجوه من سنابله، حتى يبقى مصونا فيها من فعل الحشرات وفعل الرطوبة، وذلك احتياطا لسنوات الجدب التي تليها.
وهذه المعاني هي التي تشير إليها بقية الآيات الكريمة:{قَالَ} أي يوسف {تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا} أي على الدوام وبغير انقطاع، من (دأَب) على العمل إذا داوم عليه {فَمَا