حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ} أي اتركوه بعد الحصاد في سنبله غير مدروس، ولا تدرسوا منه إلا ما تحتاجون لأكله، علما منه بأن الحبة إذا بقيت في غشائها انحفظت، وهذا المعنى يتفق معه ما وصل إليه العلم الحديث، من أن ترك الحب في سنابله عند تخزينه فيه وقاية له من التلف، الذي يحدث عادة بسبب العوامل الجوية وغيرها من الآفات. {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} أي ثم تأتي بعد ذلك سبع سنين ذات شدة وجوع، تستهلكون فيها ما ادخرتموه في سنابله من سنوات الرخاء السبع، إذ تجدونه صالحا للأكل والاقتيات {إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ} أي لا يفضل لكم مما كنتم خزنتموه وادخرتموه إلا القليل {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ} من الغيث بمعنى المطر، أو من الغوث بمعنى الفرج {وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} إشارة إلى ما سيكون فيه من غلات صالحة للعصر في المعاصر كالزيتون والعنب والسمسم.
فلما بلَّغ ساقي الملك الخاص إلى سيده تعبير يوسف لرؤياه، وفطن لما في تعبير يوسف من نصح بالغ وحسن تدبير، أدرك أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن يوسف ليس شخصا عاديا، فبالإضافة إلى عفته التي يعلم عنها الحقيقة ها هو يخترق حجب الغيب بما علمه الله من تأويل الأحاديث، وها هو يرى البعيد قريبا، ولا يكون في النهاية إلا مصيبا {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} أي سيدك {فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ}، فلم يَسَع