للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى مشترك بينها كدلالة الحيوان على أنواعه: الإنسان، والفرس والطائر. فالتواطؤ في اللفظ هو عبارة عن اتفاق مسميات مختلفة على الاشتراك في اللفظ وفي معنى معين كالحيوانية في المثال السابق بالنسبة للانسان، والفرس والطائر.

وقد جعل الزركشي النظائر بمثابة الألفاظ المتواطئة. يعني ذلك أن اللفظ الواحد، إن تكرر وروده في مواضع متعددة من القرآن على معنى واحد، هو القسط المشترك بينها، تحصلنا على نظائر. فلفظ "الأمة"، عندما يرد في آيات متعددة (وهي ما يناسب المسميات في التعريف المنطقي) بمعنى عصبة (وهو ما يناسب المعنى المشترك بين المسميات) نسمي تلك الآيات نظائر، لاشتراكها جميعا في معنى واحد يجمع بينها. وكذلك عندما يرد لفظ الأمّة بمعنى "ملة" أو "سنين" الخ ...

ويؤيد هذا الذي انتهينا إليه، سقالة طاش كبرى زادة في النظائر. وهو يتفق مثل ما رأينا في تعريف الوجوه والنظائر مع الزركشي.

يقول طاش كبرى زادة: "ومثال النظائر: كل ما فيه من البروج، فهو الكواكب. إلا {وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} فهي القصور الطوال الحصينة. والمقصود من المثال إنما هو الجزء الأول منه، يعني "كل ما فيه من البروج فهو الكواكب" حيث نتبين التعريف اللغوي والتعريف المنطقي للفظة "نظائر".

فكلما وردت كلمة بروج في القرآن (خلا ذلك الموضع الذي أشار إليه المثال) ، فإنها تعني الكواكب. معنى ذلك أن كل الآيات التي ورد فيها لفظ البروج بذلك المعنى، تعتبر نظائر لاتفاقها في المعنى المراد. فالعبرة إذن هنا بالاشتراك المعنوي إلى جانب الاشتراك اللفظي.

وهكذا فإن الفرق واضح بين الوجوه والنظائر في هذا التعريف. فبينا تدل الوجوه على التعدد في المسميات للفظ الواحد مع الفصل بينهما، تدل النظائر على التعدد في المسميات أيضا، ولكن مع الجمع بينها عن طريق معنى معين تشترك فيه. فتكون النظائر بذلك أمثالاً، يعني أشباها، يلتقي جميعها في معنى واحد. ويمكن

<<  <   >  >>