للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبحر يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله} يعني علم الله وعجائبه:

[الوجه الرابع: كلام الله من الخلوقين عند الموت ولا يسمعه بنو آدم]

وذلك قول الكفّار: {حتى إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ الموت قَالَ رَبِّ ارجعون} وذلك أن الكافر إِذا نزل به الموت وعاين حسناته قليلة وسيئاته كثيرة نظر إِلة ملك الموت من قبل أن يخرج من الدنيا فتمنى الرّجعة وصدَّق بما كذب به، فعند ذلك يقول: {رَبِّ ارجعون} يعني إلى الدنيا {لعلي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} ، يقول الله: {كَلاَّ} يعني لا ترجع إلى الدنيا. ثم استأنف فقال: {كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا} ولا يسمع بها بنو آدم، وذلك مثل قول فرعون: {حتى إِذَآ أَدْرَكَهُ الغرق} ونزل به الموت وعاينه، {قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إلاه إِلاَّ الذي آمَنَتْ بِهِ بنوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ المسلمين} ، فلم ينفعه إِيمانه عند معاينة ملك الموت ولو كان آمن قبل أن يدركه الغرق لنفعه إِيمانه. وكما يؤمن أهل الكتاب بعيسى قال: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ / لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} يعني لا يموت أحد حتى يؤمن به، فلا ينفعه إِيمانه عند معاينة ملك الموت ونزول الموت به، لأَنه لا يستطيع أن ينطق به كمنطق أهل الدنيا. وذلك قوله في سورة النساء: {وَلَيْسَتِ التوبة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السيئات} يعني الشرك، {حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت} يعني إِذا نزل بأحدهم الموت وعاين حَسَنَاتِه وسيئاته، حين لا يسمع كلامه المخلوقون، {قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآن} قال: فليس من كافر إلا يتوب عند الموت فلا ينفعه. ولا يتجاوز عن {الذين يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} قال:

<<  <   >  >>