إنّ أبرز مقارنة يمكن القيام بها هي التي تجمع بين كتب الوجوه والنظائر وكتب غريب القرآن.
وبالرّجوع إلى كتب الغريب الَّتي نذكر من بينها كتاب الراغب الأصبهاني (ت ٥٠٢/١١٠٨) : المفردات في غريب القرآن، وكتاب غريب القرآن لأبي بكر السجستاني (ت ٣١٦/٩٢٩) وكذلك كتاب الغريبين للهروي (ت٤٠١/١٠١١) ، وبمقارنتها بكتب الوجوه والنظائر، نلاحظ أن كتب الغريب تتضمَّن الكلمات الواردة في كتب الوجوه والنظائر، باستثناء عدد قليل لا يذكر، وتزيد عليها الكثير. ونذكر على سبيل المثال أن الأصبهاني قد أورد في حرف الألف كلّ الكلمات الواردة في الألف من كتاب الدامغاني ما عدا خمس كلمات، وزاد عليه في نفس الحرف ستّاً وأربعين كلمة.
وهنا يتساءل الباحث ثانية عن سبب ظهور كتب الوجوه والنَّظائر ما دامت مادّتها متوفرة في كتب الغريب، وقد ظهرت هذه أيضا في زمن متقدم مثل كتب الوجوه والنَّظائر. يبدو أن المادة المشتركة بين كتب الغريب وكتب الوجوه هي تلك التي كثر ورودُها في القرآن، لا غير. ومن هنا عبثا نحاول البحث عن الأساس الَّذي وقع عليه إختيار الكلمات الواردة في كتب الوجوه والنَّظائر. فإن الباحث يجد فيها كلمات تنتمي إلى ميادين متعدّدة: العقيدة، الأخلاق، الفقه الخ ... ولعلّ الفرق الكبير بين كتب الغريب وكتب الوجوه، أنّ اهتمام الكتب الأولى باللّغة أكثر من أيّ شيء آخر، في حين تهتمّ كتب الوجوه باللّغة حسب السيّاق الَّذي وردت عليه في القرآن.
[اشعاع كتب الوجوه والنظائر على بعض الميادين العلمية الأخرى]
سبق أن قلْنا أنّ كتب الوجوه والنَّظائر القرآنيَّة ظهرتْ في زمن مُتقدم. ويبدو أنّ هذه الكتب قد لاقت في منهجها والفكرة الَّتي سارت عليها، استحسانا لدى العلماء. فقد تجاوز هذا الفنّ ميدان القرآن إلى غيره.