للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدته، وغالت مثلة شدته وحمى وطيسه، ودارت خنذريه. فسرى وسرح، واجترأ واجترح، ورمى ورمح، وما صفى ولا صفح، وضرب وطعن. وقتل من أقام وظعن، وامتضى سيف سفكه، وصبغ بالدم الأحمر والأصفر وجه رنكه، وأخلا الديار والبيوت، وأوقع الناس في علة السكوت.

وصار وجال، وقرب الآجال، ويتم الأطفال، وقبض الأرواح وصرف الأموال.

لم أنس قول الخل والخل يرى ... بأنفه خوف فناء غلبا

إن الوبا في حلب أضحى له ... على الورى كاف وراء قلن وبا

سماه بطاعون الأنساب «١» من لدغ بعقاربه، لأنه قلما مات به شخص إلا وتبعه أحد من أولاده وأقاربه. بعث للناس من البشرة واللوزة والخيارة نفث الدم رسلا «٢» تجد بهم إلى المنية. فكان الإنسان يتفل دما أصفر. وغاية ما يعيش بعده ساعة رملية. وإذا «٣» عاين ذلك ودع أصحابه، وأغلق حانوته وحفر قبره، وأعد كفنه، وهيأ تابوته، ومضى إلى بيته فمات. وأصبح معدودا في العظام والرفات.

وبلغت عدة الموتى بحلب في اليوم إلى نحو خمسمائة، وبدمشق إلى أكثر من ألف نفر.

ومات بالديار المصرية في يوم واحد نحو من ألف؛ هكذا ورد الخبر. ورأيت بخط والدي- رحمه الله تعالى- عن العالم نجم الدين بن حسام أنه وقف على باب «٤» زويلة...... أنه مات في القاهرة في أيامه مائة ألف محصورة. معدودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>