فإن وفق الله سلطان مصر لاختيار ما فيه صلاح العالم وانتظام أسباب بني آدم فقد وجب عليه التمسك بالعروة الوثقى وسلوك الطريقة المثلى لفتح أبواب الطاعة والانجاد وبذل الإخلاص بحيث تنغمر تلك الممالك والبلاد وتسكن الفتن الثائرة. وتغمد السيوف الباترة، فتمكن الكافر أرض الهدينا وروض الهدون، وتخلص رقاب المسلمين من أغلال الذل والهون.
وإن غلب سوء الظن بما يفضل به واهب الرحمة، ومنع عن معرفة قدر هذه النعمة فقد شكر الله مساعينا وأبدى عذرنا
وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا
«١» . والله الموفق للرشاد والسداد وهو المهيمن على العباد.
[ونسخة جواب السلطان قلاوون إلى السلطان أحمد:]
بسم الله الرحمن الرحيم بقوة الله تعالى كلام قلاوون إلى السلطان أحمد أما بعد: حمد الله الذي أوضح بنا ولنا الحق منهاجا، وجاء بنا:«فجاء نصر الله والفتح ودخل الناس في دين الله أفواجا» والصلاة على سيدنا ونبينا محمد الذي فضله على كل نبي يحي به «٢» أثر كل نبي ناجى وعلى آله وصحبه صلاة تنير ما دجى. وتنير من داجا والرضى عن الإمام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين وسليل الخلفاء الراشدين وابن عم سيد المرسلين، والخليفة الذي تمسك ببيعته أهل هذا الدين إنه ورد الكتاب الكريم بالملتقى والتكريم المشتمل على النبأ العظيم من دخوله في الدين وخروجه عمن خالف من العترة «٣» والأقربين.