العصفور الدوري ما كان يعشعش في الجامع بل ولا يدخل إليه. ففي هذه الأيام دخل إليه. ولعل طلسمه بطل.
واشتهر عند أهل حلب [و] توارثوا ذلك عن بعضهم البعض أن هذا الجامع لا يخلوا عن ولي. وبعضهم يقول أن القطب إنما يصلي في القبلية من جهة الغرب. وهو المعروف بمقصورة الحنفية. وهذا الجامع عليه من الجلالة والمهابة ما هو لائق به.
وكان قديما المحراب الكبير مختصا بالأئمة الشافعية، والذي على يمينه بالحنفية والمحراب الأصفر الذي على شماله بالحنابلة. وهذا المحراب من الرخام الأصفر كالمحراب الكبير. وهذه المقصورة التي فيها هذا المحراب لا تخلو عن وصل من الظهر إلى الغروب دائما. وأما محراب الغربية فكان مختصا بالمالكية.
وأما الحجازية فلم يكن قديما يصلى فيها بإمام بل كان أول الصلوات تقام في المحراب الكبير فلما آلت الإمامة والخطابة إلى الشيخ الصالح العالم العامل شهاب الدين أبي العباس أحمد بن جمعة الأنصاري القيسي السعدي العبادي المذكور في فصل الزيارات كان يتعبد، ويطيل الرواتب. والفرائض. فتضرر بعض أهل الدنيا بسبب ذلك فرفع الأمر إلى ناصر الدين بن السفاح وكان رئيس حلب إذ ذاك فأحدث صلاة الأولى «١» في الحجازية. وقال من شاء أن يتعجل فليصل هنا.
ومحراب الحجازية وسّعه شخص فخاصمه السيد حمزة ومنعه من إتمام ما أراده. وناصر الدين بن السفاح المذكور، وهو الذي منع الناس من بيع الرقيق على باب الجامع الشمالي لأنهم كانوا يهرشون على المصلين فجزاه الله خيرا.