وفي يوم الجمعة ثامن عشر المحرم حضر شخص من أهل حمص إلى حلب وصلى بالجامع ثم قال: ما لكم لا تصلون على شيخ الإسلام أبي الفضل بن حجر «١» فإنه مات. وصلي عليه بحمص. فلما كان يوم الأحد وردت الأخبار من القاهرة على القاضي الحنفي ابن الشحنة في ليلة السبت ثامن عشري ذي الحجة فاجتمع عند ذلك بالجامع القضاة خلا ابن الشحنة. والفقهاء والفقراء وأهل الخير وقرؤوا شيئا من القرآن في صحائفه ثم صلي عليه صلاة يوم الجمعة في أكثر جوامع حلب. ثم وقفت على كتاب جاء من القاهرة «٢» يتضمن أنه توفي ليلة السبت بعد العشاء بنحو عشرين درجة ثامن عشرين ذي الحجة سنة اثنين وخمسين وثمانمائة «٣» وكان يوم وفاته يوما عظيما ذكروا أنه لم ير في القاهرة مثله فصلوا عليه في الرميلة بسبيل «٤» المؤمني صلى عليه أمير المؤمنين الخليفة وكان قد تقدم للصلاة عليه علم الدين البلقيني فأشار السلطان إلى الخليفة أن يصلي عليه وقال لعلم الدين: أنت تبغضه. فتأخر قال: في الكتاب وأنشدني أبو البركات الغراقي «٥» وقال: إن الشيخ قبل وفاته أنشد يرثي نفسه:
قرب الرحيل إلى ديار الآخرة ... فاجعل إلهي خير عمري آخره
وارحم مبيتي في القبور ووحدتي ... وارحم عظامي حين تبقى ناخرة
فأنا المسكين الذي أيامه ... ولت بأوزار غدت متواترة