في أول المحرم كثر البرد والجليد والثلج وخلت الجوامع من المصابيح لأنها كسرت من الجمد، وجعل عوضها السرج.
ومشى الناس على الفرات العظمى وقيل إن الدجلة أيضا جمدت ويبس شجر الزيتون والتين والرمان والنارنج وبيع ماء الورد في الورق لأنه جمد. وكذلك الخل.
وفي يوم الخميس مستهل صفر عقد مجلس بدار العدل بحضرة الكافل قانباي الحمزاوي والشريف القاضي الشافعي، وأما النحريري المالكي فلم يحضر لأن المجد الحنبلي أرسل يقول له: ثبت عندي أن السلطان عزلك.
وحضرت هذا المجلس بسبب عبد الرحمن بن الطويل وأحضر عبد الرحمن المذكور وادعى عليه عند المجد المشار إليه بمقتضى محضر غير مثبوت وفيه أسماء جماعة من الشهود منهم: أبو بكر بن البويضاتي الشاهد ببا حسيتا، والسيد الآمدي بأنه يلفظ الكفر، فقال: عبد الرحمن بن الطويل لا يحل لك أن تحكم فيّ، وبيني وبينك عداوة وعندي شهود بذلك وهم بمدينة حماة. ثم سّفه على الحنبلي، ورماه بالكافر. فقال الحنبلي: ثبت عندي كفرك. وحكمت بقتلك. فسألني الكافل: ما تقول في هذا الأمر. فقلت مذهبي غير مذهبه. ثم قلت للحنبلي: هذا أمر يكتب عليك به أشهاد يستفتى عليك من مصر والشام. فأمهل (كذا)«١» فقال: نعم يستفتي عليّ فأشار الشافعي بتأخيره إلى السجن حتى يجمع الفقهاء وينظروا في أمره.
فخرجا من دار العدل فعاد الحنبلي إلى الكافل وقال هذا كافر وثبت قتله عندي ولا يساعده مسلم.