بقوة الله وإقبال دولة قان خرمان أحمد إلى سلطان مصر: أما بعد فإن الله سبحانه وتعالى بسابق عنايته، وعظيم آيته. وقد كان أرشدنا في عنوان الصبى وريعان الحداثة بنور هدايته إلى الإقرار بتوحيده والاعتراف بربوبيته والشهادة لمحمد عليه السلام بصدق نبوته وحسن الاعتقاد في أوليائه الصالحين من عباده في بريته فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام. فلم نزل نميل إلى إعلاء كلمة الدين وإصلاح أمور المسلمين إلى أن أفضى بعد أبينا الجيد «١» وأخينا الكبير ... «٢» الملك إلينا فأفاض علينا من جلابيب ألطافه ولطايفه ما حقق به آمالنا في جزيل الآية، وعوارفه وجلاء هذه المملكة علينا وأهدى عقبا لها إلينا فاجتمع علينا في فوزبلباي وهو الجمع الذي يقدح فيه الآراء جميع الأخوان والأولاد والأمراء الكبار ومقدمي العساكر في انفاذ (١١٠ و) م الجم الغفير من العساكر الذي ضاقت الأرض برحبها من كربهم وامتلأت القلوب رعبا لعظم صولهم وشدة بطشهم إلى تلك الجهة بهمة يخضع لها شمّ الأطواد وعزمة يلين لها صم الصلاد. ففكرنا فيما محضت فيه زبدة عزائمهم عنه فأجمعت أهواءهم عليه، فوجدناه يخالف لما كان في ضميرنا عن إنشاء الخير العام الذي هو تقوية شعار الإسلام، وأن لا يصدر عن أوامرنا ما أمكنا إلا ما يوجب حقن الدماء ويسكن الدهماء، ويجزى له في الأقطار أزج نسائم الأمن والأمان ويستريح به المسلمون في سائر الأمصار في مهاد الشفقة والإحسان تعظيما لأمر الله وشفقة على خلق الله فألهمنا الله تعالى إطفاء تلك النائرة وتسكين الفتن الثائرة، وإعلام من أشار بذلك الرأي بما أرشدنا لله تعالى إليه من تقديم ما يرجى به شفاء العالم من الأدواء.