شرع في حفر الأساس. ثم أمسك عن عمارتها. ولما قدم ابن الضيا [ء] إلى حلب بعد فتنة تمر أشار عليه والدي بعمارتها شيئا فشيئا فلم يقبل. ثم ندم عند الموت. ولقد حصل من رائع وقفها شيء فدفعه إلى دوادار كافل حلب قرقماش. ولم يلتمس منه شيئا. والآن المدرسة خراب. والضيعة عامرة.
أخبرني والدي- رحمه الله- أن شخصا نزل بها فمرض فأحسن أهلها الوقوف. في خدمته، فلما عوفي استعار لقنا ليغسل ثيابه ثم أنهم فقدوه واللقن فظنوا به سوءا فدخلوا إلى القبلية فوجدوا اللقن ذهبا.
ولم يزل شرف الدين المذكور مدرسا بها إلى أن توفي.
وتولى التدريس بعده حفيداه مجد الدين طاهر بن نصر الله بن جهبل. وأخوه زين الدين أبو الحسين عبد الكريم. وقيل عبد الملك. وكانا من العلما [ء] المتميزين والفضلا [ء] المبرزين. ولم يزالا مدرسين بها إلى أن أخرجهما منها الملك الناصر صلاح الدين.
ووليّ فيها الشيخ كمال الدين عمر بن أبي صالح عبد الرحيم بن الشيخ شرف الدين أبي طالب. وكان حافظا لكتاب (المهذب)«١» . ولم يزل بها مدرسا إلى أن توفي يوم الأربعاء قبل الظهر حادى عشر رجب سنة اثنين وأربعين وستمائة.
ثم ولي بعده عماد الدين محمد ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي يوم الاثنين ثالث عشر شعبان سنة تسع وأربعين وستمائة. وكان مولده ليلة الخميس ثالث (٤٢ و) ف عشر شهر رمضان سنة إحدى عشرة وستمائة.