منارة المسجد الجامع فأجابهم إلى ذلك فأنكر عليه القاضي أبو الحسن بن الخشاب وكان بيده زمام البلد وضع الصليب على منارة الجامع، وقبّح ذلك. فراجع الفرنج في أمر الصليب إلى أن أذنوا له في وضعه على الكنيسة العظمى التي بنتها هيلانة. فلم يزل بها إلى أن حاصرت الفرنج حلب سنة ثمان عشرة وخمسمائة ونبشوا ما حولها من القبور فأخذ القاضي ابن الخشاب الكنائس كما تقدم ورمى الصليب.
وأما الجرس فإنه لم يزل معلقا إلى أن ورد حلب الشيخ الصالح أبو عبد الله بن حسان المعري فسمع حركة الجرس وهو مجتاز تحت القلعة فالتفت إلى من كان معه وقال، ما هذا الذي قد سمعت من المنكر في بلدكم (!) هذا شعار الفرنج. فقيل له: هذه عادة البلد من قديم الزمان. فازداد إنكاره وجعل اصبعيه في أذنيه. وقعد في الأرض، وقال: الله أكبر الله أكبر. وإذا بوجبة عظيمة قد وقعت في البلد فانجلت عن وقوع الجرس. إلى الخندق. وكسره وذلك في سنة سبع وثمانين (١٠٦ ظ) ف وخمسمائة.
فجدد بعد ذلك، وعلق مرة ثانية فانقطع لوقته، وانكسر، وبطل من ذلك اليوم.
[محمد بن حسان الزاهد المغربي]
قال كمال الدين في ترجمة هذا الرجل: محمد بن حسان بن محمد أبو عبد (٩٦ و) م الله وأبو بكر بن المغربي، الزاهد. رجل فاضل، مقرئ، محدث. ولي من أولياء الله تعالى قدم حلب، ونزل بدار الضيافة، بالقرب من تحت القلعة، وكان من الموسرين المتمولين ببلاد المغرب، فترك ذلك؟؟؟ بيعه، وخرج على قدم التجريد، وحج إلى بيت الله الحرام، ثم قدم حلب، ورحل منها إلى جبل لبنان، وساح فيه، وقيل إنه مات فيه، ولم يذكر وقت وفاته. انتهى.