ورأيت في تاريخ الصفدي ما لفظه الأمير سيف الدين الدوادار الناصري إلى أن قال:
سمع البخاري من الحجار بقراءة الشيخ أثير الدين وكتبه بخطه في مجلد (١١٢ ظ) ف في الليل على ضوء القناديل. وكان له معرفة بعلم الميقات «١» : واجتهد في حلب على سياق نهر الساجور. وبذل فيه أموالا يتحقق بها أنه عند الله مأجور. وما زال إلى أن أدخله حلب.
وساق به إليها كل خير وجلب. إلى أن قال: وهو الذي كمل سياقة نهر الساجور إلى حلب بعد ما كان ساقه سودي، ولم يتفق وصوله ويوم دخوله خرج لتلقيه هو والأمراء وأهل البلد مشاة، وشعارهم التكبير والتهليل وحمد الله تعالى. ولم يمكن أحد من المغاني والمطربين من الخروج معهم، وكان يوما مشهودا واحكم عمله وسياقته في الجبال والسهول. واتفق في طريقه واديان وجبلان فبنى على كل واحد- الواديين- جسرا يعبر الماء عليه. وأما الجبلان فكان الأول منها سهلا نقب في مدة يسيرة، والآخر كان صخرا أصم وطول الحفر في هذا الجبل ثلاث مائة وستون ذراعا. وأعمق موضع فيه من الجباب طوله ستة عشر ذراعا وبعضه محفور على هيئة الخندق بعضه جباب مقفرة وكان من هذا القدر نحو عشرين ذراعا لا يمكن حفره إلا بعد حرقه بالنار. وانتهى عمل هذا الجبل في ثمانية أشهر. وكان بعد هذا الجبل سهل فظهر بالحفر فيه حجارة مدورة لا يمكن نبشها إلا بالمشقة. وقيل له: يا خوند بالله لا تتعرض لهذا فإنه ما تعرض له أحد إلا ومات. فقال: أنا أكون فداء المسلمين فيه، وجعل مشده «٢» شخصا من مماليكه اسمه أرغون فاتفق ما جرى. انتهى.
وفي أجرائه في أيام أرغون «٣» يقول شرف الدين أبو عبد الله الحسين بن ريان: