ومن أحسن ما وصف به الشعراء هذا النهر قول أحمد بن محمد الصنوبرى «١» في القافية:
قويق له عهد لدينا وميثاق ... وهذي العهود والمواثيق أطواق
نفى الخوف أنا لا غريق ترى له ... فنحن على أمن وذا الأمن أرزاق
ونزهه ألا سفينة تمطي مطاه ... لها وخد عليه وإعناق
وأن ليس تعتاق التّماسيح شربه ... إذا اعتاق شرب النيل منهن معتاق
ولا فيه سلّور ولو كان لم أكن ... أرى أنّه إلا حميم وغسّاق
بلى يعلن التسبيح في جنباته ... علاجم بالتسبيح تذكر حذاق «٢»
أقامت به الحيتان شوقا ولم تزل ... تقام على شطّيه للطير أسواق «٣»
وسربل بالأرحاء مثنى وموحدا ... كما سربلت غصنا من البان أوراق
وفاضت عيون من نواحيه ذرّف ... ولما تعاونها جفون وآماق
هو الماء إن يوصف بكنه صفاته ... فللماء إغضاء لديه وإطراق
ففي اللون بلور وفي اللمع لؤلؤ ... وفي الطيّب قنديد وفي النفع درياق
إذا عبثت أيدي النسيم بوجهه ... وقد لاح وجه منه أبيه براق
فطورا عليه منه درع خفيفة ... وطورا عليه جوشن منه رقراق
ولم يعده فر متشوق ... بأرؤس تبر والزبر جد أعناق
له ورق يعلو على الماء مطبق ... كأطباق مدهون يليهن أطباق
وقد عابه قوم وكلّهم له ... على ما تعاطوه من العيب عشّاق
وقالوا أليس الصّيف يبلى لباسه ... فقلت الفتى في الصيف يصفه طاق