وجمال الدين التاذفي بعداوة ابن الزهري له وأن حكمه لا يقبل عليه.
فلما وصل إلى دار العدل وجلس بين يدي الكافل وحضر القضاة ادعى عليه بدعاوي منها أنه غصب قطعة أرض من المدرسة الأتابكية وأدخلها إلى إيوان بيته الذي بناه وغير ذلك. وانتصب لذلك علي باك وقال له: أنا وكيل في الدعوى عليك فقال له ابن الشحنة: ووكيلي أيضا. وتلطف معه ابن الشحنة. وقال له:
قال الله تعالى: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً....
. فلم يلتفت إلى هذا الكلام وصار كلما أبدى جوابا لا يسمع وأحسن ابن الزهري بالمحضر المتقدم. وفي يوم الاثنين خرج الكافل ووقف بالقرب من بيت ابن الشحنة خشية أن لا ينسب إلى التعصب مع ابن الشحنة، وجاء ابن الزهري ومعه القاضيان إلى بيت ابن الشحنة ومعهم المعلمون ومنهم ابن الرحال علي. وكان ابن الشحنة قد ضربه قبل ذلك. وهدموا قطعة من صدر الإيوان. وهو إيوان عظيم أنفق مالا كثيرا في عمارته وعمل في صدره شباكا عظيما داخله قبة وفي الإيوان بابان أنفق على نجارتهما عاج أبنوس مالا عظيما وما تممهما وكتب على رفرفه:
علوت كما شاء المهيمن رفرفا ... فصيرت نفعي للأنام مباحا
أمد لهم في الصيف ظلي مرفها ... وأرخي عليهم في الشتاء جناحا
وكتب على مقعد هذا الباب:
إلهي عمر في الهناء معمري ... وقالوا له في الدارين كل نعيم