واعلم أن المؤرخين والمتقدمين لم يحكوا في تواريخهم ما صدر في الصدر الأول من حل الكتابة القديمة وطلبها ممن يحسنها ويدريها عبثا. بل نبهوا بذلك على أن الصدر الأول إذا كان هذا طلبهم ممن يحسن ذلك ويجرون عليه الأرزاق/ (٤ و) ف. ويدرّون عليه فكيف حالهم مع من يحسن الشرعيات/ (٨ و) م. وكل هذا من جملة الحرص على محبة العلماء وأرباب العلوم والأدب.
فلله در العلم ومن به تردى ... وتعسا للجهل ولمن في أوديته تردى
فانظر الآن إلى أهل الفضائل كيف هم مخمولون لا يعبؤون بهم. ولا يوقرون في مجلس ولا يصدرون. بل أكلوا ما لهم من الأرزاق والأقوات. وتركوهم يأكلون النبات:
ما الفضل إلا لأهل العلم أنهم ... على الهدى لمن استهدى أدلاء
قدر كل امرئ «١» ما كان يحسنه ... والجاهلون لأهل العلم أعداء
ولقد أحسن الإمام فخر الدين الرازي «٢» حيث، قال:
تعس الزمان فإن من أخلاقه ... بغضا لكل مهذب ومفضل.
وتراه يتبع كل نذل ناقص ... تبع النتيجة للأخس الأرذل.
«قلت» :
وأذكرني هذا الحال ما قال الأعمش «٣» : «اشتكت شاة عندي فكان خيثمة بن