للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: صليت خلف الإمام أبي عبد الله المازري، فسمعته يقرأ "لبسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ... )، ولما خلوت به، قلت له: يا سيدي سمعتك تقرأ في صلاة الفريضة كذا، فقال: أو قد تفطنت لذلك؟ فقلت له: ياسيدي، أنت اليوم إمام في مذهب مالك، ولا بد أن تخبرني؟ فقال لي: اسمع يا عمر، قول واحد في مذهب مالك، أن من قرأ "بسم الله الرحمن الرحيم" - في الفريضة لا تبطل صلاته؛ وقول واحد في مذهب الشافعي، أن من لم يقرأ "لبسم الله الرحمن الرحيم" بطلت صلاته؛ فأنا أفعل ما لا تبطل به صلاتي في مذهب إمامي، وتبطل بتركه في مذهب غيره - لكي أخرج من الخلاف. فتركني شيخنا - رضي الله عنه - حتى استوفيت الحكاية - وهو مصغ لذلك، فلما قطعت كلامي، قال: هذا حسن، إلا أن التاريخ يأبى ما ذكرت (١٥)، فإن ابن شاهين لم يلق المازري، فقلت: إنما أردت الميانشي، فقال: الآن صح ما ذكرته. انتهى (١٦).

تنبيه: ظاهر هذه الحكاية يدل على أن التقليد لا يرفع الخلاف، وهو خلاف ما صرح به شهاب الدين (١٧)


(١٥) في الرحلة (ذكرته).
(١٦) انظر "الرحلة" المجلد الثالث - اللوحة ٥٨ - ب. مخطوط معهد مولاي الحسن بتطوان رقم ٤٣.
(١٧) أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي الصنهاجي المصري المعروف بشهاب الدين، الإمام (الحافظ) شيخ الشيوخ، وعمدة أهل التحقيق. له مؤلفات جليلة في الفقه والأصول، منها: (أنوار البروق في أنواء الفروق - في أربعة أجزاء، و (الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرف القاضي والإمام)، و (الذخيرة) - وهي من الكتب المعتمدة في الفقه المالكي. (ت ٦٨٤ هـ). - انظر الديباج ص: ٦٢، والفكر السامي ٤/ ٦٨.