للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى المشرق، فدخل مصر، والشام، والحجاز، رجال في كثير من البلدان، فأعجب الناس بغزارة علمه، وسعة أفقه، وتتلمذ له الكثير من علماء تلك البلدان، بل صار مضرب الأمثال (٨٥).

ويصور لنا أبو الحسن علي بن ميمون الغماري (ت ٩١٧ هـ (٨٦)) الحياة العلمية بفاس تصويرا دقيقا -على هذا العهد- فيقول: " ... ما رأيت مثلها (فاس) ومثل علمائها في حفظ ظاهر الشرع العزيز بالقول والفعل، وغزير الحفظ لنصوص مذهبهم: الإمام مالك (ض)، وحفظ سائر العلوم الظاهرة من: الفقه، والحديث، والتفسير، وحفظ نصوص كل علم، مثل النحو، والفرائض، والحساب، وعلم التوقيت، والتوحيد، والمنطق، والبيان، وسائر العلوم العقلية ... (٨٧) ".

ويقول في سياق آخر " ... فمذ خرجت من فاس في جمادى الثانية سنة (٩٠١ هـ) (١٤٩٦ م) إلى تاريخ هذا الكتاب (٩١٦ هـ- ١٥١١ م) ما رأيت مثلها، ومثل علمائها -فيما أذكر- في سائر مدن المغرب، ولا في تلمسان، ولا في بجاية، ولا تونس، ولا إقليم الشام بأسره، ولا بلاد الحجاز ولا مصر؛ على ما تقرر عندي من العلم اليقين بمشاهدة أناس من أهلها، وبرؤية كتب بعض أرباب الوقت، وأحوالهم، وأشتغالهم في العلم ... دخلت هذه المدينة المباركة (فاسا) فالتزمت علماءها،


(٨٥) انظر (الضوء اللامع) ج ٨ ص: ٩٠، و (نيل الابتهاج) ص: ٣١٥.
(٨٦) انظر في ترجمته: (دوحة الناشر) ص: ٢٣، و (الكواكب السائرة) ج ١ ص: ٢٧١.
(٨٧) انظر "الرسالة الموجزة في معرفة الإجازة" مخطوط خاص.