للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن الصدف أن وجدوا الشيخ عبد الواحد يقرئ صحيح البخاري بجامع القرويين فلم يهب، القاسية قلوبهم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تأثروا بها، ولو لم يخشوا على أنفسهم لاقتحموا عليه مجلسه لا محالة، فاضطروا إلى انتظار فراغه منه بفارغ الصبر وعندما خرج باغتوه عند باب المسجد، فاعتصم بإحدى عاضدتيه، فقطعوا يده، وأجهزوا عليه، فتوفي -شهيدا- سنة (١٤) (٩٥٥ هـ) - رحمة الله عليه.

وسنذكره في جملة تلاميذ أبيه.

أوليته ودراسته:

لقد بذلت جهدا جهيدا علني أعثر على وثيقة واحدة، أو مصدر واحد، يصرح أو يلمح -على الأقل- إلى نشأة أبي العباس وتربيته بين أحضان والديه، أو يعطينا صورة- ولو مقتضبة عن مراحل طفولته، وشبابه، أو صلاته بإخوته، أو اتصالاته بإخوانه وذويه عموما ... لكن لم أهتد إلى ذلك، وحتى المصادر التي حاولت أن تترجم له؛ لم تأت بما يشفي الغليل، ويبعث على الارتياح والاطمئنان، ولا أشارت إلى شيء مفيد في هذا الشأن، وكم كنا نود- لو أنه قدم لنا-بنفسه- ترجمة ذاتية على غرار ما يفعله المحدثون، لكنه فضل الإمساك عن الإشارة إلى نشأته، وأين؟ وكيف، والتزم الصمت عن كل ذكر لماضيه وأهله! ! مما يدفعنى إلى الظن بأنه- ربما- فقد كل شيء في عهد مبكر، فاجتنب ذكر ذلك، كي لا يزداد بذكره


(١٤) الاستقصا ٤ ج- ٥ - ص: ٢٢ - ٢٣.