للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضعف أحمد هذا الحديث، لأنه من رواية أفلت، وهو مجهول (١)، وقال ابن حزم: مشهور ولا معروف بالثقة، وحديثه هذا باطل (٢).

٢ - وأما ما حدث بين عائشة وزينب (ض) من التقاول والتشدد في الكلام في الليل، فإن هذه الرواية مع أنها أخرجها الإمام مسلم في صحيحه، لكن تبين لنا بعد إمعان النظر والتأمل فيها ما يلي:

١ - الراوي الأول لهذا الحديث هو الصحابي الجليل أنس بن مالك، الذي توقف عن التردد على حجرات أمهات المؤمنين من عام ٥هـ، وهذه الحادثة وقعت بعد السنة الخاسة من الهجرة.

٢ - إن هذه الواقعة وقعت داخل حجرة عائشة (ض) حيث لم يكن أنس (ض) موجودا في الحجرة، وبالتالي فاحتمال وقوع الانقطاع بين أنس والراوي الذي قبله وارد.

٣ - لو سلم أن أنسا (ض) كان في المسجد النبوي الشريف، وكانت أصوات امهات المؤمنين تقرع أذنيه، فكيف أمكته مشاهدة ما يجري في داخل الحجرة، من مد النبي - صلى الله عليه وسلم - يده وما إلى ذلك، مع أن البيوت يومئذ لم يكن فيها مصباح، والأغرب من ذلك كله أنه كيف اطلع على ما في خاطر عائشة (ض)، أنها خافت من أبيها، وأنه سوف يزجرها، ونظرا إلى هذه الأسباب فإن هذه الرواية فيها شيء من قبيل عدم الأخذ بالحيطة والتحري (٣).


(١) تهذيب التهذيب ١/ ٣٢٠ رقم الترجمة ٦٦٨.
(٢) نفس المصدر.
(٣) إذا قلنا إن أنسا .......... (ض) لم يأخذ بالحيطة والتحري في هذه الرواية فإن هذا القول سوف
يؤدي إلى إثارة الشبهة والشك في كثير من تلك الروايات التي يرويها بعض الصحابة مرسلا مع أن مراسيل الصحابة مقبولة إجماعا، وأنس (ض) كان من أولئك الحفظة النقلة لسنن الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذين اختارهم الله سبحانه ليكونوا أساتذة الإسلام، والأمناء عليه بعده، بل كان (ض) من كبار حفاظهم، فلم يسبقه في رواية السنة سوى اثنين منهم وهما أبو هريرة وعبد الله بن عمر (ض)، ووراء كثرة روايته للسنة عاملان: أولهما: ملازمته للنبي - صلى الله عليه وسلم - أثناء خدمته له مدة عشر سنوات مما ساعده أن يتلقى الكثير من السنة عنه - صلى الله عليه وسلم - مباشرة، وثانيهما: امتداد عمره (ض) بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، الذي أعطاه =

<<  <   >  >>