للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من المهاجرين قد شهد بدرا، قالت: أو ما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر؟ قالت: قلت: وما الخبر؟ فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإفك، قالت: قلت: أو قد كان هذا؟ قالت: نعم والله فقد كان، قالت: فوالله أني ما قدرت على أن أقضي حاجتي، ورجعت)) (١) قالت: فلما تيقنت بالخبر جئت إلى بيت أمي، فقلت لأمي: يغفر الله لك، تحدث الناس بما تحدثوا به وبلغك ما بلغك، ولا تذكرين لي من ذلك شيئا، قالت: أي بنية خففي الشأن، ثم جاءت أنصارية فحكت لي كل القصة، حتى لم يبق هناك أي مجال للشك، فلما سمعت خررت مغشيا علي، ودخلت في بيتي، ووعكت وعكا شديدا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدخل علي ولكن لا أعرف منه اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيسلم ثم يقول: كيف تيكم؟ ثم ينصرف، فذلك يريبني، فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ فأذن لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، فأصبح عندي أبواي وقد بكيت ليلتين ويوما حتى أظن أن البكاء فالق كبدي، وتقول أمي: يا بني هوني على نفسك الشأن، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها (٢).

وذات مرة أرادت أن تلقي نفسها في البئر نظرا إلى الغيرة الشديدة.

فلما سمع صفوان بالشعر الذي هجاه فيه حسان حلف بالله وقال: سبحان الله ما كشفت ثوبا عن أنثى (٣)، واعترضه بالسيف وضربه ثم قال:

((تلق ذباب السيف عني فإنني ... غلام إذا هوجيت لست بشاعر))

فلما ضربه صفوان بسيفه جيء به إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فدعا حسان وصفوان بن المعطل، فقال ابن المعطل: يا رسول الله إنه آذاني وهجاني فاحتملني الغضب فضربته فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحسان: أحسن يا حسان


(١) السيرة النبوية لابن هشام ٤٦٤/ ٤.
(٢) صحيح البخاري قصة الإفك برقم ٤١٤١.
(٣) مسند إسحاق بن راهويه ٢/ ٦٠٥ وفي تفسير الطبري: ما كشفت كنف أنثى قط ٩٤/ ١٨.

<<  <   >  >>