للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأفعله، قال: فعائشة خير منك (١).

وقد شارك عبد الله بن أبي ابن سلول في هذه المؤامرة ثلاثة آخرون وهم حسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش، ومسطح بن أثاثة (ض)،، مع أن حسان بن ثابت وحمنة بنت جحش لم يكونا مع المسلمين في هذه الغزوة، ولم يشاهدا الحادث بأم أعينهم، إلا أن حسان (معاذ الله) كان فرحا شامتا بصفوان وفضيحته، وكان قلقا على ما حصل للمهاجرين من عزة وسعادة في المدينة أكثر من أهلها، وقد قال شعرا يعرض بصفوان فيه:

((أمسى الجلابيب قد عزوا وقد كثروا ... وابن الفريعة أمسى بيضة البلد)) (٢)

أما حمنة شقيقة أم المؤمنين زينب بنت جحش (ض) فقد أرادت أن تضار عائشة (ض) بهذه الطريقة لكي تعظم من شأن أختها وعزتها عند الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وأما مسطح فأمره غريب، وكل واحد يستغرب ذلك، كيف قام بذلك مع أن أبا بكر (ض) هو الذي كان يتكفله وينفق عليه لقرابته منه وفقره.

وليس أشد على نفس الفتاة خاصة ولا أوجع لضميرها من مطعن يهدم سمعتها، ويعصف بهناءتها، ويفقدها الرجل الذي تحبه، والمكانة التي تبوأتها، وأشد ما يكون ذلك على البريئة العزيزة التي يهولها الأمر على قدر ظلمها فيه وعلى قدر نكبتها بما تفقده من العزة والسمعة، لم تكن عاشة (ض) مطلعة على هذا الخبر المفجع المؤلم، ولم تشعر بالشر إذ خرجت مع أم مسطح قبل المناصع، تقول (ض): ((فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع وكان متبرزنا، وكنا لا نخرج إلا ليلا .... فانطلقت أنا وأم مسطح، إذ عثرت في مرطها فقالت: تعس مسطح، قالت: قلت: بئس - لعمر الله - ما قلت لرجل


(١) السيرة النبوية لابن هشام ٢٦٨/ ٤، وانظر تاريخ الطبري ٢/ ١١٤.
(٢) انظر: تاريخ الطبري ٢/ ١١٥، السيرة النبوية لابن هشام ٢٧٠/ ٤، البداية والنهاية ٤/ ١٦٣ وبقية الشعر:
قد ثكلت أمه من كنت صاحبه ... أو كان منشبا في برثن الأسد
ما لقتيلي الذي أغدو فآخذه ... من دية فيه يعطاها ولا قود

<<  <   >  >>