هودجي، فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه، وهم يحسبون أني فيه ... ، قالت: ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها منهم داع ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي ووالله ما تكلمنا بكلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته فوطئ على يدها فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول)) (١).
هذه هي الصورة الحقيقية للواقعة، والتي تحدث في معظم الأحوال عندما يكون واحد في السفر، حتى في زمننا هذا الذي وصل فيه الرقي التكنولوجي إلى قمة التطور والنمو، وأبدعت شتى أنواع وسائل السفر والمواصلة والتنقل.
ثم ما حدث لعائشة (ض) وما قام به أصحاب القلوب الحاقدة ذوات الشحناء والبغضاء نحو هذه المحصنة الغافلة التقية الزكية، ليس ذلك الوحيد من نوعه، وإنما هذا إعادة لما حدث من قبل لمريم البتول (س) في بني إسرائيل، ولـ ((سيتا)) المرأة الطاهرة في الديانة الهندوسية.
فوجد الخبيث عدو الله عبد الله بن أبي متنفسا، فتنفس من كرب النفاق والحسد الذي بين ضلوعه، فجعل يحيك الإفك ويوشيه، ويشيعه ويذيعه، ويجمعه ويفرقه، وكان أصحابه يتقربون به إليه. ولما سمع المسلمون الصادقون وسادات الصحابة قالوا: هذا بهتان عظيم، وهذا أبو أيوب (ض) قالت له امرأته أم أيوب: يا أبا أيوب ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة؟ قال: بلى، وذلك الكذب أكنت يا أم أيوب فاعلة؟ قالت: لا والله ما كنت