للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان الناس يطعنون في حسان بن ثابت ويسبونه، لكن عائشة (ض) لم تسبه قط بلسانها فحسب بل إنها كانت تمنع الناس أن يسبوه.

عن هشام عن أبيه قال: ذهبت أسب حسان عند عائشة فقالت: ((لا تسبه فإنه كان ينافح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) (١).

وهذه عائشة (ض) تبين لنا سبب الامتناع عن سب حسان بن ثابت (ض) كما في الحديث الآتي:

عن مسروق قال: دخل حسان بن ثابت على عائشة فشبب وقال:

حصان رزان ما ترى بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

قالت: لست كذاك، قال مسروق: فقلت لها: لم تأذنين له يدخل عليك وقد أنزل الله {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ ...} فقالت: فأي عذاب أشد من العمى، وقالت: إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

إلا أن السير وليم موير يرى سببا آخر لمنع عاشة (ض) عن سب حسان فيقول: ((لقد أنشد حسان قصيدة رائعة مدح فيها عائشة وعفتها وحسنها وذكاءها وفطنتها وجمالها الجسمي، وأدى هذا المدح الغني بالتملق والمجاملة إلى إيجاد علاقة بينهما)).

ويا ليت لو بين لي هذا المستشرق كلمة واحدة في قصيدة حسان التي تثني على حسن عائشة وروعتها وبهائها ورقة بدنها ووضاءتها، ولعله فاته أن حسان بن ثابت (ض) حينما أنشد هذه الأبيات عند عائشة (ض) كان أعمى، وكانت هي قد بلغت من عمرها أربعين عاما، فمن أين لها الجسم الرقيق في مثل هذا العمر، وقد سبق أن ذكرنا أنها قد سمنت وبدنت وعمرها خمسة عشر عاما (٣).


(١) صحيح البخاري كتاب المناقب برقم ٣٥٣١ وكتاب المغازي برقم ٤١٤٥ وكتاب الأدب ٦١٥٠، صحيح الإمام مسلم كتاب فضائل الصحابة برقم ٢٤٨٧.
(٢) صحيح البخاري كتاب المغازي برقم ٤١٤٦، وصحيح الإمام مسلم برقم ٢٤٨٨.
(٣) والدليل عليه ما أخرجه أبو داود عن عاشة (ض) أنها كانت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر =

<<  <   >  >>