للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن هنا ينشأ السؤال أنه لما لم يكن قصد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتحريم إرضاء عائشة وحدها كما هو منصوص في الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} فلا معنى لإخفاء هذا السر فقط عن عائشة. لأنه قد أمكن الحصول على رضاها بعدما اطلعت على هذه الواقعة، كما أن الآية الكريمة تدل على أن ما حرمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس له أي علاقة بالأمة، لأننا حنى لو سلمنا بصحة هذه الرواية، فإنها تدل على أن حفصة هي التي طلبت من النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك. بينما الآية تستوجب أن يكون ذلك رغبة مشتركة من ثلاثة من الأزواج على الأقل. وليس من واحدة فقط. ثم سر الاحتراز عن طعام أو أمة ليس بذاك الأهمية حتى يتطلب مؤازرة المسلمين في الأرض والملائكة في السماء، لأنه - صلى الله عليه وسلم - لو لم يتناول العسل ولم تبق له علاقة ظاهرية مع الأمة لعرف الناس أنه - صلى الله عليه وسلم - فعل كذا، مثل ما كان الأمر في الضب، حيث كان العرب كلهم يأكلونه، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعجبه ذلك، كما أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قد طلق بعض أزواجه أو فكر بذلك، ولكن لم يكن شيء من ذلك سرا مخفيا عن الناس، والذين لديهم إلمام بأساليب القرآن الكريم العامة ومناهجه في البيان والتوضيح، واطلاع على اللغة العربية وقواعدها، يعرفون حق المعرفة أن الكلمة التي تأتي بعد ((إذ)) تكون جملة مستأنفة وقصة جديدة، فالآية السابقة تناولت موضوع التحريم، ثم استأنفت موضوعا جديدا، وما هو هذا الموضوع؟ قد بينه القرآن الكريم في آية أخرى ألا وهو ((الظهار)) (١) وسوف نذكر تفاصيل موضوع الظهار لاحقا.


= فقالت: يا رسول الله أتفعل هذا في بيتي وفي يومي، قال: فإنها علي حرام لا تخبري بذلك أحدا، فانطلقت حفصة إلى عائشة فأخذتها بذلك، فأنزل الله عز وجل في كتابه {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ....} الآية هذا الحديث مرسل، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٧/ ٣٥٣ برقم ١٤٨٥٤، وأخرجه موصولا أصحاب السنن عن أنس كانت له أمة يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه، فأنزل الله عز وجل الآيات.
انظر: سنن النسائي الكبرى ٥/ ٢٨٦ رقم ٨٩٠٧ و٦/ ٤٩٥ برقم ١١٦٠٧، والمقدسي في الأحاديث المختارة ٥/ ٦٩ برقم ١٦٩٤.
هذا وقد صرح كبار المحدثين أن هذه الرواية لم تثبت من طريق صحيح.
(١) الظهار هو تشبيه المسلم زوجته أو تشبيه ما يعبر به عنها من أعضائها أو تشبيه جزء =

<<  <   >  >>