للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس باليوم، إن الذي تهاونتم به فيما مضى هو الذي جر عليكم ما ترون، وما بقي إنما هما أمران: القعود سبيل الآخرة والخروج سبيل الدنيا)). وكتبت عائشة (ض) إلى الكوفة مع رسولهم، وأرسل علي (ض) عمارا ومعه الحسن (ض) إلى الكوفة، فخطب عمار في جامع الكوفة حول الأوضاع الراهنة، وبين مناقب أم المؤمنين (ض)، ثم قال: هذا ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى طلحة والزبير، وإني أشهد أنها زوجته في الدنيا والآخرة، فانظروا ثم انظروا في الحق، فقاتلوا معه، ثم قام الحسن بن علي فقال: ياأيها الناس أجيبوا دعوة أميركم، وسيروا إلى إخوانكم، فأجيبوا دعوتنا على ما ابتلينا به وابتليتم، فسامح الناس وأجابوا ورضوا به، وأثر فيهم هذا الخطاب تأثيرا عجيبا، ونفر معهم تسعة آلاف، فأخذ بعضهم البر وأخذ بعضهم الماء.

إلا أن الناس كانوا مترددين إلى أي جانب يميلون ومع من يروحون، لأنهم وجدوا أم المؤمنين وحبيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جانب، وابن عم الرسول وصهره في جانب آخر.

ولما وصلت عائشة (ض) قرب البصرة، أرسلت بعض الناس لكي يخبروا الناس بالواقعة، كما كتبت إلى رؤساء وسادات العرب في البلاد، وذهبت إلى بعض الرؤساء، وقد امتنع رئيس من قبيلة ما، فذهبت إليه عائشة (ض) بنفسها وأقنعته فقال: أنا أستحيي أن أرفض أمي ولا أطيع أمرها (١)، وكان عثمان بن حنيف قد ولاه علي (ض) البصرة، فدعا عثمان عمران بن حصين وألزمه بأبي الأسود الدؤلي فقال: انطلقا إلى هذه المرأة فاعلما علمها وعلم من معها، فخرجا فانتهيا إليها وإلى الناس فاستأذنا فأذنت لهما، فسلما وقالا: إن أميرنا بعثنا إليك نسألك عن مسيرك فهل أنت مخبرتنا؟ فقالت (ض): ((والله ما مثلي يسير بالأمر المكتوم ولا يغطي لبنيه الخبر، إن الغوغاء من


(١) ذكر في الأخبار الطوال ((أن كعب بن سور قعد عنهم في أهل بيته حتى أتته عائشة في منزله فأجابها وقال: أكره ألا أجيب أمي)).
انظر: الأخبار الطوال، لأبي حنيفة أحمد بن دواد الدينوري، تحقيق عبد المنعم عامر ص (١٤٤) ط: وزارة الثقافة والإرشاد القومي، القاهرة ١٩٦٠م.

<<  <   >  >>