للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت (ض) بمكانة سامية من الخشية والورع، رقيقة القلب لا تملك نفسها من البكاء، ولما أصابها في حجة الوداع ما يصيب بنات آدم، فلم تقدر أن تعتمر، بدأت تبكي، فدخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي تبكي، فأمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر أن يأخذها لتهل بعمرة من التنعيم، فقر قرارها وهدأ خاطرها (١).

وذات مرة تذكرت الدجال فبكت بكاء شديدا فدخل عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي تبكي، فقال لها: ((ما يبكيك) قالت: يا رسول الله ذكرت الدجال (٢).

وتذكرت عند الاحتضار بعض أخطائها الاجتهادية فقالت: يا ليتني لم أخلق، يا ليتني كنت شجرة أسبح وأقضي (٣) ما علي.

وذات مرة نذرت أن لا تكلم ابن الزير، فلما أكثروا عليها كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة، وكانت تذكر نذرها ذلك فيما بعد وتبكي حتى تبل دموعها خمارها (٤).

وقد مرت معنا قصة بكائها لما علمت بالبهتان العظيم الذي افتراه عليها المنافقون حيث كانت لا يرقأ لها دمع ولا تكتحل بنوم، حتى ظن أبواها أن البكاء فالق كبدها (٥).

وها هي عائشة (ض) تحكي لنا قصة سائلة ومعها ابنتان لها: دخلت علي سائلة ومعها ابنتان لها فأمرت لها بثلاث تمرات، فأطعمتهما تمرة تمرة،


(١) صحيح البخاري كتاب الحج باب عمرة التنعيم برقم ١٧٨٤ وكتاب الجهاد والسير برقم ٢٥٨٥.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٦/ ٧٥ برقم ٢٤٥١١، وابن حبان في صحيحه ١٥/ ٢٣٥ رقم ٦٨٢٢ والهيثمي في موارد الظمآن ١/ ٤٦٩ برقم ١٩٠٥ وفي مجمع الزوائد ٧/ ٣٣٨.
(٣) الطبقات الكبرى لابن سعد ٨/ ٧٤.
(٤) صحيح البخاري باب الهجرة وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث.
(٥) حديث الإفك.

<<  <   >  >>