للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم تكن عائشة (ض) تحفظ الشيء الكثير من كتاب الله حتى الثالثة عشرة من عمرها، وقد اعترفت بذلك وصرحت به قائلة عندما وقعت حادثة الإفك: ((وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرا)) (١) ومع ذلك فإنها كانت تستدل بالآيات القرآنية، والقرآن الكريم لم يتم تدوينه كتابة في شكل كتاب حتى وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن جاء الخليفة الراشد أبو بكر الصديق (ض) فقام بتدوينه في عهده المجيد، وخلال هذه الفترة قام بعض الصحابة بتدوينه على حدة للتلاوة اليومية، ولم يكن هناك اختلاف في التدوين إلا ما كان في تقديم سورة أو تأخيرها، كان أبو يونس مولى لعائشة (ض) وهو يعرف الكتابة فأمرته عائشة (ض) أن يكتب لها مصحفا (٢)، ومعظم الاختلافات في القراءة كان في بلاد العراق، وذلك نظرا للاختلاط بالعجم هناك (٣).

جاء عراقي إلى عائشة (ض) فقال: أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلي أولف القرآن عليه، فإنه مؤلف، قالت: وما يضرك أية آية قرئت قبل، إنما نزل أول ما نزل منه ..... فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور (٤).

وقد وهبها الله تعالى لسانا سؤولا فلا يهدأ لها بال إذا أشكل عليها شيء من معاني القرآن حتى أن تشفي غليلها بالاستفسار من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقد ورد في الأحاديث أنها كثيرا ما كانت تستفسر من الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن تفاسير الآيات ومعانيها وتأويلاتها، كيف لا وقد أمرهن الباري عز وجل فقال: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: ٣٤] فكان تنفيذ هذا الأمر واجبا عليهن، وذلك لا يكتمل إلا بمعرفة معاني الذكر


(١) صحيح البخاري حديث الإفك بأرقام ٢٦٦١، ٤١٤١، ٤٧٥٠.
(٢) صحيح الإمام مسلم رقم ٦٢٩، ومسند الإمام أحمد ٦/ ٧٣ رقم ٢٤٤٩٢.
(٣) جاء في صحيح البخاري أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وآذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة (باب جمع القرآن).
(٤) صحيح البخاري باب تأليف القرآن.

<<  <   >  >>