للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحكيم. كما أنها كانت تقوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة التمام، وتستمع لما يقرأه - صلى الله عليه وسلم - من سور طوال المفصل: البقرة وآل عمران والنساء (١)، ولم ينزل القرآن الكريم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - في لحاف واحدة غير عائشة (ض) (٢)، فكانت أول من تلقى القرآن مباشرة من فم النبوة فور نزوله، تقول (ض): ((وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده)) (٣).

وبالجملة فإن هذه هي الأسباب التي مكنت عائشة (ض) من فهم معاني كل آية من الآيات القرآنية، وتحديد فحواها الحقيقي، واختلاف الأحرف السبعة، وإدراك مواضع الاستدلال فيها، وطرق الاستنباط منها، وجعلتها تحتل مكانة رفيعة، وتنال براعة كاملة وملكة كبيرة في هذا الموضوع. ولذلك نراها ترجع إلى كتاب الله العزيز قبل كل شيء في حل كل مشكلة صغيرة أو كبيرة والكشف عن عقدة تفسيرية، أو رد سؤال موجه إليها في هذا الصدد.

فهو المرجع الأول لها في كل الأمور، وإنها لم تكن تراجع القرآن الكريم في قضايا العقائد والفقه والأحكام الشرعية فحسب، بل في كل الأمور حتى في موضوع سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبيان أخلاقه وسلوكه، وكذلك في المسائل ذات الصلة بالتاريخ والأخبار.

وقد جاءها ذات مرة ناس يسألونها عن خلق الرسول - صلى الله عليه وسلم - قالت: ألست تقرأ القرآن؟ فإن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان القرآن، قالوا: حدثيني عن قيام الليل؟ قالت: ألت تقرأ ياأيها المزمل (٤).

وسوف نتحدث لاحقا بالتفصيل عن طرق ومناهج استنباطاتها


(١) مسند الإمام أحمد بن حنبل ٩٢/ ٦ برقم ٢٤٦٥٣.
(٢) صحيح البخاري باب تأليف القرآن.
(٣) صحيح البخاري باب تأليف القرآن.
(٤) أخرجه أبو داود في سننه برقم ١٣٤٢، ومسلم في صحيحه بشيء من التفصيل باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض برقم ٧٤٦، وابن خزيمة في صحيحه ٢/
١٧١ برقم ١١٢٧، وابن حبان في صحيحه ٢٩٢/ ٦ برقم ٢٥٥١، والبيهقي في السنن الكبرى ٢٩/ ٣ برقم ٤٥٨٨.

<<  <   >  >>