للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاختلاف في فهم لب الكلام وإدراك فحواه الحقيقي، وعائشة (ض) كانت من أولئك اللاتي أكرمهن الله سبحانه وتعالى بحظ وافر ونصيب كامل من نعمة الفهم، والذكاء المتوقد، والفطنة النادرة، فاستغلت (ض) هذه الموهبة الربانية في فهم السنة النبوية وإدراك روحها الحقيقي، والأمثلة التالية توضح ما قلناه سابقا:

١ - روى أبو هريرة (ض) عن الرسول (ض) أنه قال: ((دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت هزلا)) (١) ثم دخل أبو هريرة على عائشة (ض) فقالت: يا أبا هريرة أنت الذي تحدث أن امرأة عذبت في هرة لها ربطتها لم تطعمها ولم تسقها، فقال أبو هريرة: سمعته منه، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت عائشة: ((أتدري ما كانت المرأة؟ قال: لا، قالت: إن المرأة مع ما فعلت كانت كافرة، إن المؤمن أكرم على الله من أن يعذبه في هرة، فإذا حدثت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانظر كيف تحدث)) (٢).

٢ - عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها ثم قال: ((سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها)) (٣) فلما سمعت عائشة (ض) بحديث أبي سعيد قالت: ((رحم الله أبا سعيد كان قصد النبي - صلى الله عليه وسلم - باللباس أعمال الإنسان)) (٤) وقد


(١) أخرجه البخاري في صحيحه باب ما ذكر عن بني إسرائيل.
(٢) مسند الطيالسي ١٩٩/ ١ برقم ١٤٠٠، وأخرجه أحمد في مسنده ٥١٩/ ٢ برقم ١٠٧٣٨، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠/ ١٩٠ وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه كتاب الجنائز رقم ٣١١٤، والحاكم في المستدرك ٤٩٠/ ١ برقم ١٢٦٠ وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والبيهقي في السنن الكبرى ٣٨٤/ ٣ رقم ٦٣٩٥، وأورده المنذري في الترغيب والترهب ٢٠٥/ ٤ رقم ٥٤١٧، وقال: رواه أبو داود، وابن حبان في صحيحه، وفي إسناده يحيى بن أيوب وهو الغافقي المصري، احتج به البخاري ومسلم وغيرهما، وله مناكير، وقد قال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال أحمد: سيئ الحفظ، وقال النسائي: ليس بالقوي.
(٤) تأويل عائشة (ض) للحديث وإنكارها على أبي سعيد الخدري ذكره السيوطي في عين =

<<  <   >  >>