للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رواية: استأذنت على عائشة فأذن لي، فقلت لها: يا أماه أو يا أم المؤمنين إني أريد أن أسألك عن شيء وإني أسحييك، فقالت: ((لا تستحي أن تسألني عما كنت سائلا عنه أمك التي ولدتك فإنما أنا أمك)) (١) والواقع أنها كانت تربي تلامذتها مثل الأم، وتتجلى لنا هذه الصفة في تعليم وتربية عروة، والقاسم، وأبي سلمة، ومسروق، وعمرة، وصفية (ض)، وكانت تتكفلهم وتنفق عليهم من مالها الخاص.

وكان بعض أقاربها يحسد بعض تلامذتها لما يرون من معاملتها الخاصة معهم، وهذا عبد الله بن الزبير الذي كان من أحب الناس إلى عائشة (ض) وابن أختها كان يقول للأسود بن يزيد: ((أخبرني بما كانت تفضي إليك أم المؤمنين)) (٢) وكان تلاميذها أيضا يرقرونها ويجلونها، وهذه عمرة - تلميذتها الخاصة - كانت أنصارية لكنها تنادي أم المؤمنين بالخالة، وقد تبنت عائشة (ض) مسروق (٣) بن الأجدع التابعي الجليل، فكان إذا حدث عنها يقول: ((حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة)) (٤).

هذا وقد تخرج من مدرسة أم المؤمنين عائشة (ض) عدد كبير من سادة العلماء ومشاهير التابعين، ومسند الإمام أحمد بن حنبل يضم في طياته أكبر عدد من مروياتها (ض)، وحسب الإحصائية التي قمت بها أنها بلغت مئتي رواية، سواء رواها عنها الصحابي أو التابعي، الحر أو العبد، القريب أو البعيد، قد أفرد الإمام أبو داود الطيالسي (ح) (ت ٢٠٤هـ) مرويات تلامذتها على حدة في مسنده، ولكنه مختصر جدا، فلم يحتو على عدد كبير من


(١) صحيح الإمام مسلم كتاب الطهارة برقم ٤٣٩، وموطأ الإمام مالك كتاب الغسل.
(٢) مسند الإمام أبي داود الطيالسي ١٩٧/ ١ برقم ١٣٨٢.
(٣) سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ٦٧/ ٤.
(٤) ذكره الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ٦/ ٢٤١ برقم ٢٦٠٨٦، والإمام البيهقي في السنن الكبرى ٢/ ٤٥٨ برقم ٤١٩٣، وأبو نعيم الأصبهاني في مسند أبي حنيفة ١/ ٥٤، والطبراني في المعجم الأوسط ٥/ ٣١٤ برقم ٥٤١١، وفي الكبير ١٨١/ ٢٣ برقم ٢٨٩، وإسحاق بن راهويه في مسنده ٨١٣/ ٣ برقم ١٤٥٢.

<<  <   >  >>