للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحارم فكانت تحتجب عنهم وربما طلبت من أخواتها أو بنات أخواتها أن ترضعهم فتكون لهم جدة، ثم تأذن لهم بالدخول عليها، لأنها كانت ترى أن حرمة المصاهرة في الإرضاع تثبت مهما كان سن الرضيع، وتستدل على رأيها بحديث سالم مولى أبي حذيفة.

والذين لم تسنح لهم فرص الدخول على أم المؤمنين لكونهم من غير المحارم كانوا يتأسفون ويحزنون على عدم تمكنهم من الاستفادة الخاصة، يقول قبيصة: ((كان عروة يغلبنا بدخوله على عائشة)) (١) وقد دخل الإمام إبراهيم النخعي (إمام أهل العراق بالإجماع) على عائشة (ض) في صباه، فكان أقرانه يحسدونه على ذلك، عن أبي معشر عن إبراهيم النخعي: ((أنه كان يدخل على عائشة، قال: قلت: وكيف كان يدخل عليها؟ قال: كان يخرج مع خاله الأسود، قال: وكان بينه وبين عائشة إخاء وود)) (٢).

كان من عادتها (ض) أنها كانت تحج كل عام، حيث تكون نقطة تجمع للمسلمين في مكان واحد وفي يوم واحد، فتضرب لها الخيام بين جبل حراء وثبير (٣)، ويقصدها طلاب العلم وعطاش المعرفة من مشارق الأرض ومغاربها لينالوا بركة تلقي السنة النبوية غضة ندية من فم أم المؤمنين (ض) (٤)، ولم تكن رضي الله عنها تتحرج من إجابة المستفتين عن أي مسألة من مسائل الدين، ولو كانت تتعلق بالشؤون الخاصة، بل كانت تشجع المستفتين الذين يأخذهم الحياء أحيانا من السؤال عن مثل هذه الشؤون، وعندما قال لها الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري (ض): إني أريد أن أسألك عن شيء وإني أستحييك، فقالت: ((سل ولا تستحي فإنما أنا أمك)) (٥).


(١) تهذيب التهذيب، ترجمة عائشة (ض) ٤٦٣/ ١٢.
(٢) مسند الإمام أحمد بن حنبل ١٧٢/ ٦ برقم ٢٥٤٣٤.
(٣) صحيح البخاري باب طواف النساء مع الرجال برقم ١٦١٨، والطبقات الكبرى لابن سعد ٥/ ٢٩٥.
(٤) الطبقات الكبرى لابن سعد ٦٨/ ٨، ومسند الإمام أحمد بن حنبل ٤٠/ ٦.
(٥) مسند الإمام أحمد ٩٧/ ٦ برقم ٢٤٦٩٩.

<<  <   >  >>