للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى عائشة فاستأذنا عليها فألقت لنا وسادة وجذبت إليها الحجاب)) (١).

ولم تكن (ض) تتحرج في إجابة المستفتين عن أي مسألة من مسائل الدين، ولو كانت متعلقة بالشؤون الخاصة، بل إنها كانت تشجع المستفتين الذين كانوا يستحيون من السؤال الخاص بهم، وذلك عملا بقوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} تطمئنهم وتقول لهم: ((أنا أمك فلا تستحي أن تسألني عما كنت سائلا عنه أمك)) (٢). ولم يكن يفوتها الحج أي سنة، فلما حجت أقامت عند جبل ثبير (٣)، فيقصدها هناك عدد كبير من السائلين والمستفتين، وقد تجلس في سقيفة زمزم (٤)، ويأتيها طلاب العلم وشداة المعرفة يروون غليلهم العلمي وينهلون من المنهل الصافي، فيسألونها في كل صنف من المسائل وهي تجيبهم في ضوء الكتاب والسنة. ولو اختلف أحد منهم في قضية أو أشكل عليهم أمر يراجعونها لحسم القضية، عن سعيد بن المسيب قال: ((إن أبا موسى الأشعري (ض) أتى عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها: لقد شق علي اختلاف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمر إني لأعظم أن أستقبلك به، فقالت: ما هو؟ ما كنت سائلا عنه أمك فسلني عنه، فقال: ((الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل، فقالت: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، فقال أبو موسى الأشعري: لا أسأل عن هذا أحدا بعدك أبدا)) (٥).

وكان أبو الدرداء (ض) يفتي فيقول: لا وتر لمن أدرك الصبح، فانطلق رجال من المؤمنين إلى عائشة (ض) فقالت: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبح فيوتر)) (٦).


(١) مسند الإمام أحمد ٢١٩/ ٦ برقم ٢٥٨٨٣.
(٢) مسند الإمام أحمد ٦/ ٢٦٥ برقم ٢٦٣٣٢ و ٩٧/ ٦ برقم ٢٤٦٩٩.
(٣) صحيح البخاري باب طواف النساء مع الرجال برقم ١٦١٨.
(٤) مسند الإمام أحمد ٩٥/ ٦ رقم ٢٤٦٨٥ و ٢١٩/ ٦ رقم ٢٥٨٨٣.
(٥) أخرجه مالك في الموطأ باب الغسل برقم ١٠٤، والشافعي في مسنده ١/ ١٥٨، وعبد الرزاق في المصنف ٢٤٨/ ١ رقم ٩٥٤، وابن عبد البر في التمهيد ٢٣/ ١٠٠
برقم ٥٠٧.
(٦) مسند الإمام أحمد ٤٨/ ٦ برقم ٢٤٢٥٨، وأخرجه الترمذي باب ما جاء في تعجيل =

<<  <   >  >>