في هذه الأوراق النقدية زكاة أيضاً، لأنها أموال الناس اليوم، وقد قال الله تبارك وتعالى {خذ من أموالهم صدقة}، وقال - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ:«أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم»(١).
والأوراق النقدية اليوم هي أثمان الأشياء وهي أموالنا، فلو أبطلنا الزكاة فيها، لبطلت الزكاة والحكمة التي من أجلها شرع الله الزكاة، ولبقي الفقير فقيراً والغني ازداد غناً على غناه.
مسألة: كم نصاب الأوراق النقدية.
اختلف أهل العلم في نصابها، هل هو نصاب الذهب أم نصاب الفضة، أم يؤخذ بأعلى النصابين، أم يؤخذ بأدناهما؟
أما الذين قالوا يؤخذ بنصاب الفضة، فقالوا هو أرفق بالفقير، وأنفع له، فنعتبر مصلحة الفقير.
وأما الذين قالوا بأدنى النصابين، فنظروا أيضاً إلى ما هو أنفع للفقير، فاجتماع الأدنى عند الغني يوجب عليه الزكاة، بخلاف لو أخذوا بالأعلى، فإنها لن تجب الزكاة إلا عند من اجتمع عنده النصاب الأعلى، لذا قالوا هو الأنفع للفقير.
وبناء على أن الأوراق النقدية غير مغطاة بالذهب والفضة.
وأما الذين قالوا يؤخذ بنصاب الذهب، فقالوا هو الأصل في التعامل، وهو غطاء النقود، وهو أساس تقدير الدِّياتِ.
والذي يترجّح عندي أنه نصاب الذهب، لأن الأصل براءة الذمّة، ولا نستطيع أن نحكم بالإيجاب فيما هو أدنى، ولكن ما هو أعلى اسْتَيْقَنَّا أن فيه زكاة، فتبقى براءة الذمّة مُسْتَصْحَبَةً حتى يأتي دليل واضح، فلا نحمل الأمور على ما هو مشكوك فيه، بل على ما استيقنّا منه، فإنه أولى.
ثم إن قيمة الذهب ثابتة، وهو أصل في التعامل، لذلك رجّحنا هذا القول. والله أعلم.
(١) سبق تخريجه من حديث معاذ بن جبل الطويل في قصة إرساله - رضي الله عنه - إلى اليمن