للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

» فلما أبَوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم - صلى الله عليه وسلم - يوماً ثم يوماً ثم رأوا الهلال، فقال: «لو تأخر الهلال لزدتكم» كالمُنَكِّلِ لهم حين أبوا أن ينتهوا» (١).

أي النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يريد أن يواصل ويواصل ويواصل، عقاباً لهم لأنهم ما أطاعوا نهيه، فأراد أن يعاقبهم على ذلك فواصل بهم يوماً ويوماً ولكن انتهى شهر رمضان بظهور الهلال، فقال: «لو تأخر الهلال لزدتكم» كالمعاقب لهم لعدم طاعة نهيه - صلى الله عليه وسلم -.

و«التنكبل» العقوبة

وفي رواية في «الصحيح»: «أما والله لو تمادَّ لي الشهر لواصلت وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم» (٢).

وفي هذا الحديث دليل على تحريم التعمق والغلو في العبادات، ويدل على أن جواز الوصال خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.

فالأصل عموم الشريعة وأن ما يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - عام، فللجميع أن يفعل وأن يتأسّى به، لذلك حين رأى الصحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - يواصل واصلوا.

لكن إذا جاء دليل يدلّ على الخصوصية فلا يجوز لأحد أن يفعله ويبقى الأمر خاصاً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - كالحالة التي بين أيدينا.

مسألة: وهل يجوز الوصال إلى السَّحر فقط؟

اختلف أهل العلم أيضاً في ذلك، والراجح الصحيح جواز الوصال إلى السَّحر مع أن الأولى تركه، لأن المستحب تعجيل الإفطار كما سيأتي.

ودليل جواز الوصال إلى السَّحر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تواصلوا»، وهذا نهي عن الوصال قال: «فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر» (٣) مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» (٤)، إذن يدلّ ذلك على أن الأفضل والأحسن هو تعجيل الإفطار لا الوصال، مع ذلك جائز إلى السَّحر، لكن لا يجوز لك أن تبقى صائماً إلى أن يدخل


(١) أخرجه البخاري (١٩٦٥)، ومسلم (١١٠٣).
(٢) أخرجه البخاري (٧٢٤١)، ومسلم (١١٠٤).
(٣) أخرجه البخاري (١٩٦٣).
(٤) أخرجه البخاري (١٩٥٧)، ومسلم (١٠٩٨).

<<  <   >  >>